فصل: 220- قذف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة



ويستفاد من القصتين السابقتين:
1- أن على المحقق بعد سماع الدعوى أن يسأل المتهم سؤالا عاما عما نسب إليه، وهذا مستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم: أقتلته.
2- يجب أن يتصف المحقق برحابة الصدر، وعدم الانزعاج من مقاطعة كلامه أو المداخلة التي تحصل من أحد الطرفين أو من المحامي أو من الوكيل؛ أخذا من قول المدعي- أمام النبي صلى الله عليه وسلم-: إنه لو لم يعترف أقمت عليه البينة، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم تلك المداخلة.
3- تشديد الحراسة على المتهمين بجرائم القتل؛ لأن علياً رضي الله عنه وكلَّ بكل متهم رجلين يحرسانه.
4- التفريق بين المتهمين؛ لما فعله علي رضي الله عنه عندما أوصى بعدم تمكين المتهمين من الدنو من بعضهم.
5- حبس المتهمين انفراديا؛ لأن عليا رضي الله عنه أمر الحراس ألا يدعوا أحدا يكلم المتهمين.
6- محاصرة المتهمين بالأسئلة؛ مستفاد من القصتين.
7- مواجهة المتهم بأقوال غيره من المتهمين معه؛ لفعل علي رضي الله عنه.
7- ضبط اعتراف القاتل:
يجب على المحقق إذا اعترف المتهم بجريمة القتل أن يبادر إلى تدوين اعترافه، ويبين في الاعتراف، اسم المقتول وسبب القتل وكيفيته، والآلة التي تم القتل بواسطتها، ومكان ووقت وقوع القتل.
8- إثبات جريمة القتل:
جريمة القتل تثبت بإقرار الجاني المعتبر، وبالشهادة المعتبرة، ويصح توجيه الاتهام له إذا توفرت واحدة من الأدلة والقرائن التالية:
1- عن طريق الأدلة المعتبرة في إثبات الجرائم الأخرى، ومن أبرزها، الإقرار، والبينة.
2- عن طريق الآلة المستخدمة في الجريمة، وهي التي يستخدمها الجاني في ضرب المجني عليه، فلو أن إنسانا ضرب آخر بسكين، وبعد فترة وجد المضروب ميتا، فقال الضارب أنا ضربته بالسكين لكن لم أقتله، ففي هذه الحالة يمكن أن يوجه له الاتهام بقتل المجني عليه، لأن السكين تقتل غالبا، مع مراعاة ما يقرره أصحاب الخبرة والاختصاص في هذا الشأن كالأطباء الشرعيين، ونحوهم.
وحول هذه النقطة يقول الأستاذ / عبد القادر عودة، رحمه الله: (واعتبار القصد الجنائي ثابتا باستعمال آلة قاتلة ليس قرينة قاطعة، ولا دليلا غير قابل للنفي، فيجوز للجاني أن يثبت أنه لم يستعمل الآلة القاتلة بقصد القتل، فإذا استطاع إثبات دفاعه انتفى وجود قصد القتل وأعتبر الفعل قتلا شبه عمد).
3- عن طريق اللوث: واللوث هو: أمر ينشأ عنه غلبة الظن بصدق المدعي.
ومن صور اللوث في جرائم القتل ما يلي:
أ- وجود قتيل في قرية وبينه وبين أهلها عداوة أو تهديد، وإدعاء الورثة على أهل هذه القرية.
ب- قول المقتول قبيل موته قتلني فلان.
ج- إقرار المتهم أثناء التحقيق أنه هو القاتل، ثم رجوعه عن إقراره مدعيا أنه أقر نتيجة تعذيبه.
4- قول أهل الخبرة إن فلانا هو القاتل، نتيجة وجود بصماته على الآلة الثابت استخدامها في القتل.
5- شهادة رجلين مردودي الشهادة لسبب من الأسباب على فلان أنه هو القاتل.
6- ثبوت خروج المتهم والمقتول إلى جهة واحدة ورجوع المتهم دون المقتول.
7- استخراج المقذوف الناري من المقتول ووجود المتهم بالقرب منه ومعه سلاح أثبت أهل الخبرة أن المقذوف الناري المستخرج من المقتول خارج من هذا السلاح.
فإذا وجد واحد من هذه الأمور صح توجيه الاتهام للمتهم بالقتل تحقيقا، وإن انضم إلى ذلك القسامة في مجلس القضاء وجب القصاص، بدليل قصة حويِّصة ومُحيِّصة.
9- تحريك الدعوى العامة في جرائم القتل:
إن كان القتل خطأ، فليس فيه دعوى عامة، وإن كان القتل عمدا أو شبه عمد، ولم يتنازل الورثة عن القصاص فتقدم الدعوى الخاصة أولا، لاحتمال فوات محل الدعوى العامة بالحكم على الجاني بالقتل قصاصا، وإذا سقط القصاص لأي سبب من الأسباب، فإن المدعي العام يتقدم بدعواه للمحكمة الشرعية، طالبا إثبات صفة القتل، ليتم بموجبه تقرير مقتضى الإرادة المالكية المقررة المتعلقة بقضايا القتل.
10- عقوبة القتل:
* أولاً- عقوبة القتل العمد:
الأصل أن القتل العمد موجب للقصاص بدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} [البقرة 178]. فمن قتل شخصا عمدا عدوانا يقتل قصاصا باتفاق الفقهاء. أما الدية فيرى جمهور الفقهاء أنها ليست عقوبة أصلية للقتل العمد، وإنما تجب بالصلح برضا الجاني، كما هو رأي الحنفية والمالكية، أو بدلا عن القصاص، ولو بغير رضا الجاني، كما هو المعتمد عند الشافعية؛ فإذا سقط القصاص؛ لسبب ما وجبت الدية عندهم؛ وذهب الحنابلة وهو قول عند الشافعية: إلى أن الدية عقوبة أصلية بجانب القصاص في القتل العمد؛ فالواجب عندهم في القتل العمد أحد شيئين: القود أو الدية، ويخير الولي بينهما ولو لم يرض الجاني.
قال المرداوي: (الواجب بقتل العمد أحد شيئين: القصاص، أو الدية، في ظاهر المذهب؛ هذا المذهب المشهور المعمول به في المذهب، وعليه الأصحاب؛ وهو من مفردات المذهب؛ وعنه: أن الواجب القصاص عينا فعلى المذهب الخيرة فيه إلى الولي فإن شاء اقتص، وإن شاء أخذ الدية، وإن شاء عفا إلى غير شيء، والعفو أفضل بلا نزاع في الجملة؛ وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله: استيفاء الإنسان حقه من الدم عدل، والعفو إحسان، والإحسان هنا أفضل، لكن هذا الإحسان لا يكون إحسانا إلا بعد العدل، وهو أن لا يحصل بالعفو ضرر، فإذا حصل به ضرر كان ظلما من العافي، إما لنفسه وإما لغيره، فلا يشرع، قلت: وهذا عين الصواب).
أما الكفارة فقال عنها: (أما العمد: فلا تجب فيه الكفارة على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب).
* ثانياً- عقوبة القتل شبه العمد:
لا خلاف بين الفقهاء ممن يقولون بشبه العمد في أنه موجب للدية؛ والدية في شبه العمد مغلظة، ودليل وجوبها وتغليظها في القتل شبه العمد قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن قتيل الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل، أربعون في بطونها أولادها» وتجب هذه الدية على عاقلة الجاني عند جمهور القائلين بشبه العمد. قال المرداوي: (يلزم في شبه العمد الدية، لكن هل تكون على العاقلة، أو على القاتل؟ فيه خلاف).
وعن وجوب الكفارة في القتل شبه العمد قال ابن قدامة رحمه الله: (وتجب الكفارة في شبه العمد؛ ولم أعلم لأصحابنا فيه قولا، لكن مقتضى الدليل ما ذكرناه; ولأنه أجري مجرى الخطإ في نفي القصاص، وحمل العاقلة ديته، وتأجيلها في ثلاث سنين، فجرى مجراه في وجوب الكفارة، ولأن القاتل إنما لم يحمل شيئا من الدية لتحمله الكفارة، فلو لم تجب عليه الكفارة، تحمل من الدية; لئلا يخلو القاتل عن وجوب شيء أصلا، ولم يرد الشرع بهذا).
* ثالثاً- ما يترتب على قتل الخطإ:
اتفق الفقهاء على أنه لا قصاص في القتل الخطأ، وإنما تجب الدية والكفارة فكل من قتل إنسانا ذكرا أو أنثى، مسلما أو ذميا، مستأمنا أو مهادنا، وجبت الدية، لقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} [النساء 92]، وقوله سبحانه: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء 92]؛ ودية الخطأ تجب على عاقلة الجاني مؤجلة في ثلاث سنين باتفاق الفقهاء؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدية المرأة على عاقلتها، أي على عاقلة القاتلة.
ودليل تأجيلها كما قال الكاساني: إجماع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، فإنه روي أن عمر رضي الله عنه قضى بذلك بمحضر من الصحابة، ولم ينقل أنه خالفه أحد فيكون إجماعا.
11- ما هي كفارة القتل؟
قال ابن قدامة رحمه الله: (وكفارة القتل عتق رقبة مؤمنة، بنص الكتاب، سواء كان القاتل أو المقتول مسلما أو كافرا، فإن لم يجدها في ملكه، فاضلة عن حاجته، أو يجد ثمنها، فاضلا عن كفايته، فصيام شهرين متتابعين، توبة من الله، وهذا ثابت بالنص أيضا، فإن لم يستطع، ففيه روايتان؛ إحداهما، يثبت الصيام في ذمته، ولا يجب شيء آخر؛ لأن الله تعالى لم يذكره، ولو وجب لذكره.والثانية: يجب إطعام ستين مسكينا؛ لأنها كفارة فيها عتق وصيام شهرين متتابعين، فكان فيها إطعام ستين مسكينا عند عدمها، ككفارة الظهار والفطر في رمضان، وإن لم يكن مذكورا في نص القرآن، فقد ذكر ذلك في نظيره، فيقاس عليه؛ فعلى هذه الرواية، إن عجز عن الإطعام، ثبت في ذمته حتى يقدر عليه وللشافعي قولان في هذا، كالروايتين؛ والله أعلم).
12- تطبيق الإرادة المكية في جرائم القتل:
قضت الإرادة الملكية بأن قاتل العمد الذي يسقط عنه القصاص ويحكم عليه بالدية يسجن خمس سنوات، وقاتل شبه العمد يسجن سنتين ونصفا، وقاتل الخطأ لا شيء عليه، وفيما يلي نص خطاب نائب جلالة الملك الموجه لفضيلة رئيس القضاة برقم 2624 وتاريخ 6/4/1372هـ بهذا الخصوص:
(حضرة المكرم رئيس القضاة:نشير إلى المكاتبة الواردة منكم برقم 1964 وتاريخ 3/2/1372هـ بشأن سجن من يقتل عمدا أو خطأ أو شبه عمد، ونخبركم بما يأتي:
1- قضت الإرادة الملكية الصادرة في خطاب الديوان العالي رقم 7/4/570 في 22/3/1360هـ والمبلغة إليكم من هذا المقام في حينه، بأن من لم يحكم عليه بالقود ويحكم عليه بالدية يسجن خمس سنوات من تاريخ سجنه.
2- ثم صدرت الإرادة الملكية أيضا في خطاب الديوان العالي رقم 8/4/2104 في /1363هـ والمبلغة إليكم منا في ذلك الحين، بأن المتعمد في القتل الذي يحكم عليه بالدية يسجن خمس سنوات، أما غير المتعمد فيكتفى بسجنه سنتين ونصفا تخفيفا عليه.
3- ثم بعد ذلك صدرت الإرادة الملكية أيضا في خطاب الديوان العالي رقم 8/4/1563 في 3/9/1366هـ والتي أبلغت إليكم منا برقم 3182 في/1366هـ، بأن قضايا القتل الذي يثبت وقوعه قضاء وقدرا، وليس فيه عمد ولا شبه عمد، لا يطبق فيها عقوبة السجن على المحكوم عليه، بل يكتفى بإنفاذ ما يحكم به الشرع. فمن تأمل ما ذُكِر تبيَّن أن قاتل العمد الذي يحكم عليه بالدية دون القصاص يسجن خمس سنوات، وقاتل شبه العمد يسجن سنتين ونصفا، وقاتل الخطأ المحض لا يشمله شيء من ذلك؛ فالغاية التي نهدف إليها هي إشعار جميع المحاكم التي تنظر في قضايا القتل بأن تنص في صلب الحكم الذي تصدره على نوع القتل الذي يثبت لديها، حتى يمكن تطبيق العقوبة الإدارية على مرتكب الجريمة بما لا يخرج عن منطوق الأوامر العالية. فأكملوا ما يجب نحو ذلك). (نائب جلالة الملك).
وصدر خطاب نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 4/1197/م وتاريخ 12/6/1409هـ وجاء فيه النص التالي: (أن ما نصت عليه الإرادة الملكية الصادرة بحق قاتلي العمد في حالة سقوط القصاص وقاتلي شبه العمد، يعتبر الحد الأدنى، فمتى رأى القاضي أن المتهم يستحق عقوبة تعزيرية أكثر مما ورد في الإرادة لظروف مشددة، فله أن يقرر ذلك، فأكملوا ما يلزم بموجبه).

.220- قذف:

1- التعريف:
القَذْفُ لغة: الرمي مطلقا، والتقاذف الترامي، وفي باب قذف قال ابن منظور: القَذْف هاهنا رَمْيُ المرأَة بالزنا أَو ما كان في معناه، وأَصله الرّمْيُ ثم استُعْمل في هذا المعنى حتى غَلب عليه. يعني في القذف بالزنا.
واصطلاحا: رمي المسلم المحصن الحر المكلف بالزنا، أو اللواط، أو نفي النسب، أو الشهادة بشيء من ذلك.